سناء لمحمدي القمري

الريف

 




عندما كان الريف ومازال حصنا دفاعيا ، ومنبعا للخير والثروة التي استنزفت فيما بعد ، وألحقت بالاقتصاد العالمي، المحتكر من القوى العالمية ،ضاربة الأعماق والسبل، دون رأفة ولاشفقة ولاضمير، متناسية حجم الأضرار التي رافقت ذلك ،رغم أن الكمين دائما كان محل جدال ونقاش .

الثرثرة والبلبلة من الأفواج والأحوال والأفواه، قائمة على الخدمات وليس الكلمات ،لأن الشعب هو مقياس قوة أي دولة ،والعلم هو الأساس بعد التربية وشيم الأخلاق، لايكفي المتاجرة بالقصص والتاريخ والمبادئ ،لأن لكل قوة مساوئ وعيوب.

الوحدة هي المعنى الحقيقي لكل انقسام وتشتت ،ولايمكن السيطرة على الرأي ،إلا بالحوار والاستفسار والاستفهام ،وليس بالطغيان والتكبر والهمجية ، فكل نقطة في بحر تصنع مياه وبحار ومحيطات.

بحر الروم كان ومازال منبت ومحط الحضارات ،ومعبرها ومصدر الصراعات التجارية والدينية والسياسية، إلا أنه لا أحد أخلد ولاضل مستمرا في الصراع، سوى الصخور والأراضي والأحكام.

المعادلة الرياضية تقتضي اليوم حسابات أخرى ،بعيدة عن المصلحة والمنفعة ،بل هي اليوم مبنية على القناعات عوض الجحود، والاعتراف عوض الإنكار ،والرحمة عوض التنافس الشرس، وتحكم الطبيعة عوض الخرافات  .

الفساد والكذب والاستغلال والحقد والعدوان ،هو من أضاع مربط ومشبك الخيوط والحقوق، والإنسان أصبح مثالا لوجهين منافقين، وعملتين تضربان الدماء وتخلط الأنساب ،إلا أن العقاب واجب.

الريف لن يخسر لأنه ليس أرض بلاهوية ، أو لأن عملاءه المخنثين حرفوا الأرضية، بل لأن الريف قوي بكل تاريخه .


 





الريف




الريف الطيب بجباله ووديانه وبحاره، لايمكن أن يهزم ولا يؤكل بنو جلدته بسهولة، أحفاد البواسل والمعالم والنسور تعلو فوق النخيل والكوادر. الريف ليس خطة لتصفية الكنوز والأموال، بل هو دماء تجري في العروق ، كالسيل المتوهج الوهاج الهائج، لاتمحوه ذكرى ولا أحداث مغيبة الضمير، لأنه بصمة ليس ككل البصمات في دنيا المغريات. ولاهو آلة طباعة الصكوك والشيكات، أو بقرة حلوب تطعم المشردين والمتسكعين، فلا يخير أهله ولا أصحابه دون ذلك ، لخدمته وتنميته التنمية الحقيقية ، التي يستحقها موقعه الخلاب والفارض لوجوده، رغم كيد الحاقدين في نحورهم .

هذا الناظور مشرق النظر والضياء، وهذه الحسيمة مغرب الشمس والسماء، وتلك المناطق المتراصة كالنجوم ، كلها تتوحد لتصنع صفا فلكلوريا واحدا ، يعبر من خلال الزجل وفن أحيدوس ، عن النخوة والهمة والمروءة التي ينعم بها الريف الكبير. من لايتذكر المايسترو علي موحى الحسين أشيبان ، الذي وصل صيته للعالم، وعرف بهويتنا وانتماءاتنا العريقة ، في أمريكا وبريطانيا وإسبانيا.

نريد أن نرى الريف جنة فوق الأرض، لأن أرضه معطاءة ترد لك الخير صاعين وهذه هي قيمتها، لانريد مضيعة للوقت، و أقنعة و مصالح ولا ملل ، العمل خير من الكسل.
الموقع سياحي بامتياز، وفي الوسط يطل على جميع الوجهات، منفتح على كل الثقافات والحضارات ، يتعايش منذ القدم مع الجميع، ولاينبذ أي طرف كان ، مسالمون وعاشقون للحياة، والجود والعفو عند المقدرة. نحن السلام والأمان لكل الأطراف، والطاولة مفتوحة للنقاش، لكن دون هوان ولا استسلام هذه خاصيتنا.
الملكة إليزابيث، المرأة الشجاعة والذكية، التي قادت فترة حكمها بالهدوء والسكينة، ونبذ التدخلات العويصة، كانت تدعم بعد تقاعدها الهدنة والرزانة في العالم كله،وكانت تطمح أن تغير المسار نحو عصر جديد من الأنوار عوض الدمار.


مارك زوكربيرغ والميتافيرس






في الوقت الذي دخل فيه الغرب والعالم بالتنافس المتنوع، وسيطروا فيه على المواد، مازالوا داخل العالم العربي يتجولون ويتنازعون، وتتفكك قبائلهم، ولاهم لهم سوى بطونهم، واحتكار السوق لتكنيز الأموال وتكديسها، ثم إختلاق المشاكل ونشر الخرافات والجهل، فقد وجدوا في ذلك ربحا ماديا وسباتا للشعوب، التي أصبحت تعبد التناحر والتنافر والشتائم، لمزيد من الإستغلال وتكريس عقليات عدم التضامن والتكافل، في مقابل إتحاد الغرب ووحدة القوى العالمية، ولأنهم لايمتلكون على أقل نوع من المناهج البناءة، لتقوية الشعب وتكتله في إتجاه واحد وتحالفه، على عكس ذلك تجد كل في وجهته ضائع بين كثرة الآراء والأحزاب العربية، التي لاتخدم سوى مصلحة الحزب، متى كانت الأديان متحزبة أيها القارئ؟!

الصناعة  والتقدم العلمي والإعمار، غائب أمام الإخلال بالمسؤوليات، وانعدام الكفاءات ، وتعدد الإقتراحات عوض الرأي الواحد الصائب، الذي ترسخ في عدة دول قوية تخدم شعوبها المهيكلة، لقد كان بإمكان العالم العربي أن يتوحدوا بموارد بيت المال  وباستثمار أموال الزكاة، ويجتهدوا في خلق صندوق المقتصد الموحد من أجل كيانهم ورفاهيتهم.

التعليم القوي الممنهج والإستراتيجي هو من يصنع عباقرة العلوم والتكنولوجيا، وهو ما يظهر عزيمة الحصيلة اليوم، فقد تمكن مارك زوكربيرغ من تطوير مشروعه المبتكر، والخروج به في الواجهة بشكل رائع ومفيد، وعبر المرور من سلسلة أليس في بلاد العجائب، وصولا إلى هاري بوتر، تجاوز هو علوم الفلك والفضاء، و قرب المشاهد من أحلامه وطموحاته في تقنية ميتافيرس. الشئ الذي يؤكد أن العلم والإمكانيات هي التي تصنع الأجيال الجادة عوض نوعية معينة من البشر الذي أنهك طاقته في صفحات الفيسبوك للسب والتخريب وإصطياد الأصوات أو إستقطابها إما كرها أو حسدا. 

حزب العدالة والتنمية المغربي







لاأعرف ماالذي يحاول حزب العدالة والتنمية المغربي الترويج له بالضبط، ولماذا اختار لنفسه اليوم هذه السمفونية الوسطية، التي لم تحدد بعد موقفها الحقيقي ،من كل الأحداث التي حصلت ،والتي سجلها التاريخ ، مرة بمداد أزرق ومرة أخضر، مرة تراهم يدافعون ومرة يهاجمون ،صراحة لم أكن متوقعة منهم ذلك، ولكن ماكنت متأكدة منه أنهم يملكون ورقة الغدر على الطاولة لأن تكوينهم خارجي مزدوج، إلا أن ملفاتهم عويصة جدا، ربما أرادوا أن يملكوا خيار الجوكر في الساحة، فلاهم في المعارضة ولاهم في الصفوف الأولى، لأنهم توارو عن الأنظار.

الكثيرون يعرفون أنهم يساندون جميع القضايا الشائعة ،إلا أن غرضهم غير محدد أو صعب التحديد ، لأنهم فقط يحاولون أو أنهم ضائعون وسط كل هذه التحديات، التي فرضت اليوم في الساحة الدولية ،والتي تعتمد على التحالفات ،لكن هذا لايعني أن العالم لايعاني من الانقسامات الداخلية الشديدة ،بل أن هناك دول عظمى اليوم منقسمة داخليا، بسبب الاختلافات والخلاف الإديولوجي والسياسي وحتى الديني ،نتيجة للطائفية و المذهبية المتعددة الآراء ،وهذا ظاهر في أغلب البلدان العربية وحتى الأجنبية، حيث أن فيهم من ينقسم جغرافيا بسبب تنافس العرق الواحد ،لتستغل ذلك دول أكثر تحررا وليبيرالية.

الديمقراطية أصبحت اليوم مهددة ممن تهدد مصالحهم، وليس جيدا هذا الانقسام المفاعل اليوم ،الذي قسم العالم في اتجاهين، واحد يحتمي تحت المظلة، والثاني وراء مربط الصراع.

تركيا التي أسست هذا الحزب، والذي له أطباعه في المغرب، ولهم معه علاقات وطيدة جدا ، دعى واتخذ الفكر الإسلامي المعتدل والمحافظ، الذي يعتمد على الأصول عوض التخالف فيها والتشدد المتعدد، غير أن الميزة التي ينعم بها في المغرب، أنه استطاع أن يستحوذ على منصب القرار، بالهوية الأمازيغية الموحدة، التي لا تنافر فيها، ولم يشتغل بها مثل العثمانيين .


من هم الجواسيس





الجواسيس الذين ينتشرون هنا وهناك، ويسعون إلى التخريب لخدمة مصالحهم الشخصية، في خرق تام للأخلاق وللقوانين، لايعتبرون شيئا، ويدعون نفاقهم للإنسانية، وهم يعلمون أن هناك ماهو أهم من الإنسان نفسه، نظافة وقيمة الجوهر الإنساني، لأن من يهلك الحرث وينشر الفساد في الأرض، ويختلس الأموال، ويئن من شره ونفسه الشريرة لإيذاء الآخر، لايمكن إدراك الخير منه نهائيا، فالبشرية تعتمد على الطاقة والذكاء الطاقي، لاقيمة للغباء أمام ذكاء العلماء والصناعة، ولاقيمة للبلادة أمام أكلة لحوم البشر، بل لاوجود لمستقبل منير إن كثر التنافس من الأشرار، فالشمس واضحة وضوح النهار ولاتغرب من الشمال، لأن مربطها ضاعت معالمه عبر التاريخ والتزييف، ومن الغريب جدا تسطير ملفات دون تشاور مع الحق والديمقراطيين، عبر قرارات عبثية متسرعة، فقط تعتمد على الجواسيس، وعمليات الإستخبار والتنكيح، ولف المواضيع في جهات متعددة، لاتخدم الأمن الدولي، وفي هذه الضرفية بالذات التي دخل فيها العالم، مرحلة خطيرة جدا من الإنفلات الأمني وصناعة الإرهاب.
في الوقت الذي نشاهد فيه إعتداءات على الجغرافيا والمواقع، بدافع الغل أو الضغط والإستنزاف للطاقة، في إخلال تام بكل مفاهيم الإقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، التي لاتحتكم للميزان أقلها ميزان الحق وسعر الصرف الدولي، وفي عداء تام من قوى لقوى أخرى، تزعزع التوازن في الأفاق، عبر مؤامرات تلغي مجهودات مشاريع مناهضي التقادم، وزرع فتل الحروب، والهيمنة الطاغية التي انتشرت ولم تعتبر أحد سوى نفسها، الصداقة الحقيقية تكون في حب الخير، أو المواجهة الشفافة، ولاترمي بأوراقها في جيوب خدام التجسس الذين يغيرون معالم الإستقرار.
هذا الوحش الذي كشر عن أنيابه، لسبب بسيط هو دعمه للحركات الإنفصالية في العالم، لابد أن يظهر نواياه الحقيقية اليوم، هل كان ذلك لرغبة عميقة في نشر الرعب وصناعة الأسلحة، أم لغرض آخر يجهله البعض ويعرفه البعض الآخر، خاصة بعد حالة الإنقسام التي يمر بها، وقد رأينا ذلك بعد إسقاط الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فرغم أنه حاول أن يحارب الدكتاتورية، إلا أنه كان يجهل أن المنطقة المتنازع عليها في الشرق الأوسط غارقة في المطبات، وأن فلسطين لديها قيادات وأحزاب فاسدة، تحرف كل شيء وتتبع المجهول ولاهدف لها، مما خلق جوا من الصراع الطويل والأبدي الذي لاحل له، فمن يوالي طمس الحقائق والتعتيم، ويستغل نزعة شعب مقابل شعب آخر، كان قادرا على التوحد عبر التحاور والعمل الجاد، وتطوير كل مايعود بالنفع على العالم كله، لأن الكون واحد والشمس واحدة، متحدة عبر الزمان والمكان، عوض السقوط في فخ من لارحمة فيه، ولا نية لديه سوى تهييج الحرب .
القضايا التي تركت دون حلول، واستمرت في الخداع وتبييض الأموال للتجارة، أليس ذلك من العار، أم أن إيكال المواقف الجادة لمن هو أفضع، ولايملك من الحكمة مايكفي لتدبير الشؤون العامة للبلاد، هو الأسهل في التهرب من المسؤولية.
لقد كنا نطمح إلى إيقاف الحروب في العالم، لكي نغير مجرى هذه الأرض نحو الطمأنينة والسمو، ولكن  الظاهر أن التوافق بين اليمين واليسار من المستحيلات، وأن الخلل في منهجيات التعليم والمذاهب المتعددة والضالة، التي إختارت الإنحياز والتطرف. 
إن الرأي الصائب يكمن في الإستنباط والقياس والإجتهاد، عوض الدمار والتعدي على الغير، لأن هذا أيضا يملك حق الرد والدفاع عن نفسه، ومن العيب جدا استغلال الأوضاع والفراغ للهجوم ،لأن لكل ظهر سند ولكل قوة حليف.
الألماس المتنازع عنه، موجود في تلك البقعة الأرضية وفي ذلك الاتجاه المتنازع عليه هناك، والذي تم تغيير مكانه الحقيقي، لضياع أمم بأكملها، وإهلاك آخرين فقدوا حقهم، والإرادة في الحياة أقوى. 

الريف






الإنسان غير المنتج لايصلح لشيء، خاصة إن تنكر لهويته وحقه وإديولوجيته وتاريخه ،لامعنى للأرباح أمام فقدان نشوة الحياة وأخلاقياتها، وللضمير الذي يحاكي أهداف النرجسية والسلطوية والقمع الشنيع والتدخلات، التي لاتخدم سوى مصلحة المتدخلين عوض أصحاب الشأن، فكل شعب  أدرى بمكوناته وتقاليده، ولايمكن حرمان أي فرع من جذوره أو طمسه، والبادئ أظلم، لأن أولئك الحربيون والحربائيون الذين يصنعون الحروب، ويحاربون الزعماء الحقيقيون، و يتخفون وراء الأقنعة المزيفة، ليس لهم أي قيمة اليوم في سوق البورصة والأسهم.

من قبل في 2002 كان هناك صراع مسبق حول المنافسة والثروة، وتم دعم طلبة طالبان وتحريف سياقهم نحو الدم والعنف والإقتتال باسم الدين الإسلامي، وكأن الديانات الأخرى غير قادرة على الرد على هؤلاء، ومن شرعوا الإجرام الذي يصنف في قائمة القانون الدولي والعدالة، وتركوه يتخبط في مسألة مشتبكة ومعقدة، لم يستطيعوا تصفيتها ولا جزرها، بل استمروا في عملية تضليل ونفاق، هل يعقل أنه من ذلك اليوم لم يقبظوا على الموظفين الكبار في تنظيم القاعدة، فكيف يمكن أن يعم السلام في العالم، وهم مازالوا يدعمون السطو والتعدي على السيادة في كل الأوطان، وهل كان من الضروري في لعبة الأمم أن تبيع أفغانستان نفسها بسبب الهند وطريق الحرير، وتتحول إلى منطقة محايدة، ثم إلى مربط القاعدة.

نحن الأمازيغ لايمكن تحريف رأينا ولاكينونتنا، ولايمكن إلغاء كلمتنا ولاإعطاء ولايتنا أووصايتنا لأحد مهما كان، ممن يعملون على تشتيت الصفوف، ويدعون التزعم والبطولة، فنحن نعلم سابقا من له حسن النية، ومن لاينتمي لمبادئنا، وراح ضحيتهم الكثيرون لايعلمون أنهم عملاء ومخبرون، والأكثر من ذلك كانت لهم مهمة كيدية، تخالف حتى مايخفيه الثعبان للنمس.

أما من ترنح على نغمات الشاي، واشتغل على كلمات لالة بويا وتعطيل الفكر الأمازيغي وتخديره، ضنا منه أن الساحة هي خشبة مسرح أو سينما، وأن المصير هو ليس كل أولائك الكتاب الشرفاء، الذين مروا مرور الكرام على بلادنا، عوض خدام أرشيف وتاريخ المعتقلات السياسية النتنة. 

طاولة الحوار اليوم أصبحت بعيدة المنال ، لانعدام التفاهم وللهوة العميقة، التي تركها الظالمون والمتوحشون في الغابة، مثل حكاية الخرفان والراعي، الذي كان يضحك على سكان البادية ويخيفهم، وفي كل مرة يظهر كذبه أن الذئب لم يأكل رعيته، عندما كان يوقظ النيام، وفي المرة التي هاجمه فيها حقيقة، وصرخ بصوت عال لإنقاذ خرفانه، إفترسه الذئب هو وجميع الخرفان هذا هو حتف الكذابين في كل مكان. 



حديث في السياسة






أثناء قيامي سابقا في منطقتي بتدريب مهني وتطوعي في الصحافة والإعلام، وسط جو سياسي واجتماعي هدام تغيب عنه المصداقية والأخلاق، وتسيطر فيه العصابات والشخصيات البسيطة غير المثقفة، المعادية للنخبة وللثقافة بصفة عامة، وللمرأة بصفة خاصة، فلا تجد الإحترام ولا التقدير سيد الموقف ممن يشتغلون في الساحة، حقا لابد للنساء من مناعة قوية جدا بل وحديدية، لتستطيع الإستمرار في الإنتاج، مابالك إن كانت الأرضية فقيرة جدا وجافة، والبيئة منعدمة لايعيش فيها سوى صناع الذباب والحشرات والمبيدات، ليظل الوضع على ماهو عليه، إستباقيا بامتياز، ولكي لايتولد ويتكاثر الأصل والذهب، عوض التزييف والتلميع والخرافة.

وفي ظل تنامي الخلافات والفساد، وتآكل طبقة معينة من البشر، ممن ينتمون لقبائل الريف، مخلفين آثارا عميقة وشوائب خبيثة، بعد مرور عقد من الخصومات، التي تسعى إلى فك المجتمع من الداخل، بقطع الصلات وماتمليه جميع الضمائر الدينية، ليتفرع الواقع ويظهر الجفاف مرة أخرى، وكأنه قصة مكررة تعبر عن تكرار نفس سلسلة الخيانة والأحقاد. لقد سيطر بيادق الأفواه المتسخة ،التي لاتعرف سوى الإفراط وإعادة الكلام  ، لمجرد الرغبة المستمرة في سرد الأحداث والوقائع، رغم أن النطق هو جودة من حيث الحروف، وبحر من التعابير التي تخرج من باطن الحنجرة، التي تمسك بأحبال صوتية تتنفس عن طريق المعدة، وبالتالي لايمكن أن تكون نفعيا ومتجسسا لصالح الدريهمات. الوعي والأدب والعلم لاعلاقة له بذلك، لأنه من قبل كانوا يدرسون بالألواح ،ويكتبون بالريشة، ويتقاسمون كسرة الخبز الجاف .

لقد كان جدي أعمى وحافظا لستين حزبا ،يدرس التلاميذ أصول الفقه، ومع ذلك كان الوقت نظيفا قنوعا متيسرا، ومتعطشا للدراسة والمعرفة دون مخاوف, كما هو اليوم مليء بالأطماع والمغريات المتلونة، والمتجهة فقط نحو الرفاهية الفارغة المعاني، لأن الحواس أهم من المادة، وهذا مابينته شرارة الأيام وقطار الحياة، الذي تعكر صفوه وبدأ ينذر بصفير العبور للواجهة، بتبعثر حسابات كل تلك الأحزاب المتراكمة والمتناطحة والضالة للطريق، الباحثة فقط عن التحالفات بغاية الحصول على المناصب ، والأرقام المكتنزة ودون أهداف حقيقية، وفي الغالب تجد أناسا غير حرفيين، لاعلاقة لهم بالتاريخ المشرف، ولا بالخدمة الوطنية على رأس  القائمة. لقد عبر أنشتاين على فكره بسبب رغبته القوية لوحدة الأجناس والإنسانية، ولكنه أعطى القيمة للوقت وللجاذبية، التي لاتقل أهمية عن الطبيعة والبيئة، التي توحي للإنسان بالتأمل والإبتكار، عوض الخراب والدمار وإلحاق الضرر بالآخر، والتنافس الذي يقمع حرية التعبير، ويخدم الدكتاتوريات. إن الخبز والماء اليوم أصبح مركز الساعة، وموضع النقاش والمشاريع، ولايمكن أن ندعم من يهدد بتلويثه فالمناخ آختلت موازينه ونظامه، والعاصفة إقتربت.
إن كانت أمريكا تعاني الكثير من المشاكل والخروقات السياسية والإجتماعية والإعلامية فماهو حال العرب اليوم.




أمريكا العظمى

دعونا نتحدث بسلاسة المنطق والحقيقة، أمريكا هي الدولة العظمى التي تبنت حرية التعبير، وهي المعلم الذي تكفل بالجميع، دون محسوبية ولارشوة أو فتن...