PRESS.APPOINTMENT: حديث في السياسة

حديث في السياسة






أثناء قيامي سابقا في منطقتي بتدريب مهني وتطوعي في الصحافة والإعلام، وسط جو سياسي واجتماعي هدام تغيب عنه المصداقية والأخلاق، وتسيطر فيه العصابات والشخصيات البسيطة غير المثقفة، المعادية للنخبة وللثقافة بصفة عامة، وللمرأة بصفة خاصة، فلا تجد الإحترام ولا التقدير سيد الموقف ممن يشتغلون في الساحة، حقا لابد للنساء من مناعة قوية جدا بل وحديدية، لتستطيع الإستمرار في الإنتاج، مابالك إن كانت الأرضية فقيرة جدا وجافة، والبيئة منعدمة لايعيش فيها سوى صناع الذباب والحشرات والمبيدات، ليظل الوضع على ماهو عليه، إستباقيا بامتياز، ولكي لايتولد ويتكاثر الأصل والذهب، عوض التزييف والتلميع والخرافة.

وفي ظل تنامي الخلافات والفساد، وتآكل طبقة معينة من البشر، ممن ينتمون لقبائل الريف، مخلفين آثارا عميقة وشوائب خبيثة، بعد مرور عقد من الخصومات، التي تسعى إلى فك المجتمع من الداخل، بقطع الصلات وماتمليه جميع الضمائر الدينية، ليتفرع الواقع ويظهر الجفاف مرة أخرى، وكأنه قصة مكررة تعبر عن تكرار نفس سلسلة الخيانة والأحقاد. لقد سيطر بيادق الأفواه المتسخة ،التي لاتعرف سوى الإفراط وإعادة الكلام  ، لمجرد الرغبة المستمرة في سرد الأحداث والوقائع، رغم أن النطق هو جودة من حيث الحروف، وبحر من التعابير التي تخرج من باطن الحنجرة، التي تمسك بأحبال صوتية تتنفس عن طريق المعدة، وبالتالي لايمكن أن تكون نفعيا ومتجسسا لصالح الدريهمات. الوعي والأدب والعلم لاعلاقة له بذلك، لأنه من قبل كانوا يدرسون بالألواح ،ويكتبون بالريشة، ويتقاسمون كسرة الخبز الجاف .

لقد كان جدي أعمى وحافظا لستين حزبا ،يدرس التلاميذ أصول الفقه، ومع ذلك كان الوقت نظيفا قنوعا متيسرا، ومتعطشا للدراسة والمعرفة دون مخاوف, كما هو اليوم مليء بالأطماع والمغريات المتلونة، والمتجهة فقط نحو الرفاهية الفارغة المعاني، لأن الحواس أهم من المادة، وهذا مابينته شرارة الأيام وقطار الحياة، الذي تعكر صفوه وبدأ ينذر بصفير العبور للواجهة، بتبعثر حسابات كل تلك الأحزاب المتراكمة والمتناطحة والضالة للطريق، الباحثة فقط عن التحالفات بغاية الحصول على المناصب ، والأرقام المكتنزة ودون أهداف حقيقية، وفي الغالب تجد أناسا غير حرفيين، لاعلاقة لهم بالتاريخ المشرف، ولا بالخدمة الوطنية على رأس  القائمة. لقد عبر أنشتاين على فكره بسبب رغبته القوية لوحدة الأجناس والإنسانية، ولكنه أعطى القيمة للوقت وللجاذبية، التي لاتقل أهمية عن الطبيعة والبيئة، التي توحي للإنسان بالتأمل والإبتكار، عوض الخراب والدمار وإلحاق الضرر بالآخر، والتنافس الذي يقمع حرية التعبير، ويخدم الدكتاتوريات. إن الخبز والماء اليوم أصبح مركز الساعة، وموضع النقاش والمشاريع، ولايمكن أن ندعم من يهدد بتلويثه فالمناخ آختلت موازينه ونظامه، والعاصفة إقتربت.
إن كانت أمريكا تعاني الكثير من المشاكل والخروقات السياسية والإجتماعية والإعلامية فماهو حال العرب اليوم.




ليست هناك تعليقات:

أمريكا العظمى

دعونا نتحدث بسلاسة المنطق والحقيقة، أمريكا هي الدولة العظمى التي تبنت حرية التعبير، وهي المعلم الذي تكفل بالجميع، دون محسوبية ولارشوة أو فتن...