الامازيغ الشرفاء مرآة العز للعالمية






لا يمكن الحديث عن الحضارة الأمازيغية دون التوقف طويلاً عند البعد الأمازيغي فيها، فالأمازيغ سكان شمال إفريقيا الأصليون، ساهموا في رسم معالم التاريخ والثقافة والفن في هذه الرقعة من العالم. ومن بين رموز هذه الثقافة، يبرز اسم الفنان ميمون رفروع، الذي أعطى للأغنية الريفية نكهة خاصة، ومكانة محترمة بين الألوان الموسيقية الريفية والعالمية.


ميمون رفروع.. صوت ريفي خالد


ولد الفنان ميمون رفروع في بيئة أمازيغية أصيلة، حيث ترعرع وسط التقاليد الموسيقية الريفية التي تعكس هوية الأرض والإنسان. بدأ مسيرته الفنية في السبعينات والثمانينات، وسرعان ما أصبح اسمه مرتبطًا بالأغنية الريفية العريقة، التي تمتزج فيها الكلمات العاطفية والنضالية بالألحان العذبة.


كانت أغانيه مرآة لهموم الريفيين، ومتنفسًا لمعاناتهم وآمالهم، وغالبًا ما تناولت مواضيع الحب، الهجرة، والكرامة. بأسلوبه الخاص وصوته المميز، أعاد ميمون رفروع الاعتبار للأغنية الريفية، وساهم في نقلها إلى جمهور أوسع، حتى بات من روادها الكبار الذين لا يُنسَون.


أغاني مثل "ساعة أفورار"، "ثذرين نيتريث"، و"ثيمغارين"، ليست مجرد أغانٍ، بل وثائق فنية واجتماعية تجسد واقع مرحلة بأكملها، وتُحفظ للأجيال القادمة.


الحضارة الأمازيغية.. جذور ضاربة في التاريخ


الحضارة الأمازيغية ليست وليدة الأمس، بل هي نتاج آلاف السنين من التفاعل مع محيطها المتوسطي والإفريقي. من الملكة ديهيا والملك يوغرتن، إلى المعمار الأمازيغي العريق، واللغة تيفيناغ، والفلكلور، واللباس التقليدي، استطاع الأمازيغ الحفاظ على هويتهم رغم قرون من التحولات السياسية والثقافية.


لقد شكل الأمازيغ ركيزة أساسية في بناء شمال إفريقيا، وأسهموا في نشر قيم الحرية والعدالة، والانفتاح على الآخر. كما أن حضورهم اليومي في الفنون، الأدب، والسياسة، دليل على حيوية هذه الثقافة واستمراريتها.


ميمون رفروع ليس مجرد فنان، بل هو رمز من رموز المقاومة الثقافية الأمازيغية، وصوته ما هو إلا امتداد لنبض حضارة لا تزال تنبض بالحياة. وفي زمن العولمة، يبقى الأمازيغ الشرفاء مرآة العز، يعكسون للعالم أجمع صورة ، الأصالة، والكرامة، والإبداع.


ثبرات".. رسالة فنية بصوت يرتقي إلى قمم الإحساس


في أغنيته الجديدة "ثبرات"، والتي تعني "الرسالة"، يُبدع الفنان الأمازيغي ميمون رفروع في تقديم عملٍ فني راقٍ يحمل بين كلماته ولحنه صرخة إنسانية صادقة، تُلامس القلوب وتخترق جدران الصمت والنسيان.


صوت رفروع في هذه الأغنية ليس مجرد أداة غناء، بل هو أفقٌ مفتوحٌ على السماء، يصل صداه حد القمر، بنبرته الهادئة حينًا، الموجعة حينًا آخر، والمترفعة دومًا عن التصنع. صوته يحمل ذلك الصدق العفوي الذي لا يُشترى ولا يُدرّس، بل ينبع من عمق التجربة، ومن وفائه لأرضه وهويته.


"ثبرات" ليست فقط عنوانًا لأغنية، بل وثيقة روحية، يُودعها رفروع في ذاكرة الفن الريفي، كأنها رسالة أمل، أو نداء وفاء، أو حتى لحظة تأمل طويلة في مرآة الذات. بأسلوبه البسيط لكن العميق، يُجدد الفنان علاقته بجمهوره، ويُبرهن أن الأغنية الأمازيغية لا تزال قادرة على المنافسة والتأثير، حين تكون مغزاة بالروح، وموقعة بأصوات من طينة ميمون رفروع.



شعب الريف.. جذور راسخة وقوة لا تعرف الانكسار


شعب الريف ليس فقط أهل أرض وجبل، بل هو رمز للقوة، والكرامة، والصمود في وجه المحن. عبر التاريخ، أثبت الريفيون أنهم شعب لا يُقهر، سواء في ساحات المقاومة أو في ميادين الهجرة والعمل والنجاح في بلدان المهجر. من جبال الريف الشامخة، خرج رجال ونساء حملوا على أكتافهم رسالة النضال، وحافظوا على هويتهم رغم كل التحديات.


لم تُثنِهم المسافات، ولا ضغوط الغربة، عن التشبث بلغتهم وثقافتهم وقيمهم. فمهما ابتعدوا عن وطنهم، ظلوا سفراء للريف في العالم، يزرعون روح التحدي في كل مجال دخلوا إليه: 

في السياسة، الفن، الرياضة، والعلوم.... قوة شعب الريف لا تكمن فقط في تاريخه، بل في عزيمته المتجددة، وإيمانه العميق بأن الانتماء ليس شعارًا، بل سلوكٌ يومي وموقف دائم.


اليوم، نرى أبناء الريف يرفعون رايته بفخر في كل قارة، حاملين معهم رسالة واضحة:

نحن من الجذور، نحن من الجبال، ونحن لا ننحني إلا لله.


إرسال تعليق

شارك برأيك واترك تعليق

أحدث أقدم